2023 “العام الدامي”.. يودّع باكستان بفاجعة جديدة

2


والثلاثاء، اقتحم مسلحون بشاحنة ملغومة مركزا للشرطة في إقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي البلاد، مما أسفر عن مقتل ما بين 23 و24 جنديا، وعدد من المهاجمين.

ووفق مسؤولين أمنيين، فإن الهجوم الذي استخدمت فيه القنابل والبنادق، حدث في منطقة ديرة إسماعيل خان، على مشارف المناطق القبلية القريبة من حدود أفغانستان.

وأعلنت حركة الجهاد الباكستانية مسؤوليتها عن الهجوم، وهي جماعة ظهرت مؤخّرا، وتقول إنها تابعة لحركة طالبان باكستان، أشهر الحركات التي تواجه الحكومة بالسلاح في البلاد.

ويرصد محللان سياسيان لموقع “سكاي نيوز عربية”، ما يقف خلف تكرار هذه الهجمات بكثافة العام الجاري، خاصة بعد انهيار الهدنة بين الحكومة وحركة طالبان باكستان، المعروفة داخليا باسم “تحريك طالبان”، نهاية 2022، وفرصة الحركة في تكرار نموذج حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان المجاورة.

هجمات سابقة في 2023

يتّصف عام 2023 بأنه “عام دام” بالنسبة إلى باكستان، لكثرة الهجمات والتفجيرات التي تعرّضت لها منذ بدايته، ومن أشهرها:

  • في يناير، فجّر انتحاري نفسه في مسجد داخل مجمع للشرطة في مدينة بيشاور شمال غرب البلاد؛ ما تسبّب في مقتل أكثر من 80 من رجال الأمن.
  • في فبراير، اقتحم مهاجمون من “طالبان باكستان” مبنى للشرطة في كراتشي، جنوبا، وقُتل 5 أشخاص.
  • في 31 يوليو، استهدف تفجير انتحاري تجمّعا لحزب “جمعية علماء الإسلام” في باجور، شمال غرب، أودى بحياة أكثر من 50 شخصا، وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنه.
  • وفي 29 سبتمبر، وخلال احتفالات المولد النبوي في بلوشستان، جنوب غرب، استهدف تفجير موكبا دينيا خاصا بالاحتفال؛ ما أسفر عن مقتل 58 شخصا، وإصابة 80 آخرين، وأدان مجلس الأمن الدولي الهجوم في بيان.

قضية مركّبة

يصف الخبير في الشأن الباكستاني، محمد العقاد، قضية الإرهاب في باكستان بأنها “مركّبة ومعقّدة”؛ لأنها تقف وراءها خيوط متشابكة وعابرة للحدود، منها:

  • وجود جماعات محلية ودولية تشترك في نشر الإرهاب، منها “طالبان” و”داعش” وحركات من العرقية البلوشية.
  • كل جماعة لها أجندتها التي تضعها على أساس تشكيلها العرقي والديني.
  • تصاعُد العنف بعد فشل المفاوضات بين إسلام آباد وطالبان الباكستانية، ورغبة طالبان الباكستانية في الضغط على إسلام آباد لتقديم تنازلات، بعد أن أخذت دفعة معنوية من وصول حركة طالبان الأفغانية للحكم عام 2021.
  • خلال تلك المفاوضات العام الماضي، استغلت “طالبان” الفرصة ليتنقل عناصرها عبر حدود باكستان وأفغانستان، وتتمركز في بعض المناطق الشمالية الغربية من باكستان، وهذا ما جعلهم جاهزين لتنفيذ هجمات في أي وقت، وكذلك تركيز الهجمات في إقليم خيبر بختونخوا والمناطق القبلية.
  • حكومة “طالبان” لم تقم بالضغط على الحركة الباكستانية لتوقف هجماتها؛ نظرا للعلاقات الجيدة بين الحركتين.

“قوة الأمر الواقع”

تأمل حركة طالبان باكستان أن تصل إلى السلطة عبر “فرض الأمر الواقع بالقوة كما حدث في أفغانستان”، وفق تعبير الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، هشام النجار، مضيفا أن “قوة الجيش الباكستاني تحول دون تكرار السيناريو الأفغاني”.

وعن أساليب “طالبان باكستان” في التعامل مع إسلام آباد بهدف الوصول إلى الحكم في النهاية، يقول النجار، إن الحركة “تراوح بين الدخول في مفاوضات وإبرام هدن، ثم انتهاك الهدنة والعودة لتنفيذ هجمات وتفجيرات واغتيالات، خاصة في صفوف الأمن، وهي بذلك تحاول تقليد وتنفيذ سيناريو الحالة الأفغانية”.

ومما يزيد من هجمات الإرهاب في باكستان، يتابع الباحث السياسي، أن الأمر لا يقتصر على “طالبان باكستان”، لكن أيضا يوجد تنظيم داعش خراسان الذي يرتبط بعلاقات بالحركة، يستغلها في تنفيذ هجمات في أماكن نفوذها.

أما عن موقف حركة طالبان الأفغانية، فيصف النجار موقفها بأنه “حرج”، فهي من ناحية لا تريد قطع علاقاتها بطالبان باكستان لأسباب حركية وتنظيمية، وبسبب صراعها الجاري مع “داعش خراسان”، ومن ناحية ثانية لا تريد إغضاب إسلام آباد التي تتهمها بتوفير العمق والملاذ لتحرك “طالبان باكستان” عبر الحدود.

ولذلك، تطرح الحركة الأفغانية نفسها كوسيط لتهدئة الأجواء؛ ولتقريب وجهات النظر، والعودة لإبرام هدنة طويلة بين الطرفين.

ما هي “طالبان باكستان”؟

تأسّست عام 2007، بعدما اتفقت جماعات خارجة عن القانون على العمل معا ضد باكستان ودعم حركة طالبان الأفغانية التي كانت تقاتل القوات الأميركية.

تقول الحركة إنها تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية، والإفراج عن أعضائها المحتجزين لدى الحكومة، والحد من الوجود العسكري الباكستاني في أجزاء من خيبر بختونخوا.

تسعى باكستان إلى احتواء الجماعات المسلحة، ومنها طالبان باكستان، من خلال التفاوض على هدنة، ثم تعود إلى مطاردتها حين تفشل الهدن.