أداة نفوذ بلا ثمن سياسي.. لماذا اتجهت روسيا للجيوش “الخاصة”؟

2


ولا تعد مجموعة فاغنر التي بدأت العمل لأول مرة في الفترة التي ضمت فيها روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، المجموعة الوحيدة التي جندتها موسكو، إذ سبق وأن تعاونت مع شركات أخرى على رأسها ” باتريوت” التي تُعرفها تقارير غربية بخضوعها لأوامر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

بيد أن مراقبون ومحللون سياسيون، يعتقدون أن روسيا ستراجع دور الشركات العسكرية الخاصة، وستضع العديد من القيود والضوابط الصارمة لـ”ردع” أي محاولة جديدة للتمرد على غرار ما فعلته فاغنر مؤخرًا، في الوقت الذي يعتبرون أن اتجاه موسكو لتلك الشركات يأتي للتوسع في النفوذ العالمي خاصة في مناطق الأزمات على غرار وسط وغرب أفريقيا بلا “ثمن سياسي”.

 وفي وقت سابق، أيدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوة وزارة الدفاع للمقاتلين “المتطوعين” في أوكرانيا لتوقيع عقود مع القيادة العسكرية بالبلاد، في ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه وسيلة لتأكيد السيطرة على فاغنر، وغيرها من المجموعات المُقاتلة.

ما هي أبرز “الجيوش الخاصة”؟

مجموعة فاغنر

  • تأتي فاغنر على رأس الشركات الخاصة ذائعة الصيت التي تستخدمها روسيا في السنوات الأخيرة، والتي شاركت لأول مرة في الصراع الأوكراني الروسي عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم بعد استفتاء شعبي.
  • تنشط المجموعة في العديد من الدول الإفريقية والشرق أوسطية حيث شاركت في صراعات إقليمية واستغلت الموارد ونشرت نفوذ روسيا.
  • تعداد قوات فاغنر يصل إلى 25 ألف مقاتل، يُعتَقد أن معظمهم من قدامى المحاربين وعناصر سابقة في وحدات النخبة العسكرية، ممن حصلوا على تدريب جيد، لكن مؤخرًا جرى توسيع المجموعة من خلال تجنيد سجناء روس وعناصر مدنية روسية وأجنبية.

مجموعة باتريوت

  • تقول وزارة الخارجية الأميركية إن مجموعة باتريوت تخضع لأوامر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
  • على عكس مجموعة فاغنر، تركز باتريوت أكثر على الجنود ذوي الخبرة القتالية عند التجنيد، كما أن جنودها مجهزون ومدربون بشكل أفضل.
  • وفقًا لتقارير إعلامية غربية، يحصل أعضاء باتريوت على راتب شهري يتراوح بين 6300 و15800 دولار أمريكي، كما أنهم أكثر نشاطا في مجال الحماية الشخصية.
  • تعمل في أوكرانيا وتتنافس مع فاغنر في حصد الكثير من المكاسب على الأرض.

 مجموعة كونفوي

  • شركة عسكرية خاصة أسسها سيرغي أكسيونوف، الحاكم المعين من قبل موسكو لشبه جزيرة القرم في 2022، ويديرها المشرف السابق على فاغنر كونستانتين بيكالوف.
  • جاء إنشاء تلك المجموعة وسط خلافات سابقة بين قائد مجموعة فاغنر مع الحرس القديم في الكرملين بعد انتقاده المتكرر من تعامل وزارة الدفاع الروسية وسط الحرب في أوكرانيا.
  • لا تزال التفاصيل حول الهيكل التنظيمي وعملها غير واضح، لكن في حسابها على تيليغرام، أطلقت مؤخرا عدة حملات تجنيد لتوسيع صفوفها.
  • تشير تقديرات مبكرة إلى أن عدد مقاتلي هذه المجموعة يبلغ 300 فردًا، يعملون في شبه جزيرة القرم ومنطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا.

 مجموعة إينوت

  • من ضمن الشركات التي جرى تأسيسها لسد حاجة عسكرية محددة، حيث دُشنت عام 2011 لتوحيد ميليشيات دونباس.
  • قائدها إيغور مانغوشيف، وتهدف للجمع بين مختلف الميليشيات التي تتخذ من دونباس مقرا لها ومنحهم وضعا رسميا أكثر وقدرة على معالجة الأموال لرواتب المقاتلين ومعاشاتهم التقاعدية والحماية الاجتماعية الأخرى.
  • قامت بأنشطة مسلحة في أوكرانيا وناغورنو-كاراباخ.

مجموعة ريدويت

  • تم تأسيسها في العام 2008 على أيدي أعضاء سابقين في القوات الخاصة الروسية.
  • كانت في طليعة الشركات التي شاركت مع روسيا في الحرب بأوكرانيا.
  • تزعم تقارير إعلامية غربية بامتلاك رجل الأعمال الروسي غينادي تيمشينكو، وهو حليف مقرب من بوتين، تلك المجموعة، التي تم إنشاؤها ظاهريا كشركة أمنية لامبراطوريته المتعلقة بالغاز.
  • تضم تحت رايتها عدد من التجمعات الصغيرة المخضرمة في جهاز المخابرات الخارجية الروسي والقوات الجوية الروسية ووحدات من وزارة الدفاع الروسية، الذين حصلوا على خبرة قتالية في البعثات العسكرية وحفظ السلام.

أسباب نشاط الشركات الخاصة

يعدّد المراقبون والمحللون، أسباب نشاط المجموعات المسلحة الخاصة التي تتعاون مع السلطات الروسية، إلى عدد من الأمور على رأسها انخفاض تكلفة تجنيدهم وإشراكهم في مناطق الصراع، وسهولة دفعهم للخطوط الأمامية في القتال دون الحاجة لسداد مستحقات ضخمة لعائلاتهم حال فقدانهم.

وفي هذا الصدد ترى صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، أن استخدام الشركات العسكرية الخاصة يسمح للكرملين بالحفاظ على “إنكار بعض الأنشطة المشبوهة والحرب الهجينة، في الداخل والخارج”، وإضافة لذلك “فعندما يموت الآلاف منهم في الخطوط الأمامية في أوكرانيا, ليست هناك حاجة لإرضاء عائلاتهم بالشقق أو السيارات أو الحماية الاجتماعية”.

وبعد ساعات من التمرد، اعترف الرئيس الروسي أن مجموعة فاغنر تموَّل بالكامل من قبل الكرملين وحصلت على عشرات المليارات من الروبلات من المال العام، موضحا أنه من مايو 2022 إلى مايو 2023، دفعت الدولة الروسية أكثر من 86 مليار روبل (حوالي 1 مليار دولار) لمجموعة فاغنر.

كبح جماحها

من جانبه، يرى المحلل السياسي والعسكري الروسي تيمور دويدار، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الحكومة الروسية أصدرت قرارا إدارياً يستهدف تقييد حركة الشركات الأمنية الخاصة التي لها عداد عسكري وتتمتع بعقود عسكرية للمشاركة في الحرب بأوكرانيا، حيث عرض على أعضائها التعاقد فردياً للانضمام إلى القوات المسلحة الروسية.

وسبق أن ذكرت وكالة الإعلام الروسية، الخميس، أن روسيا أبلغت رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين أنه سيحرم من التمويل إذا لم يوقع مقاتلوه عقودا مع وزارة الدفاع.

وأضاف دويدار أنه بهذا الإجراء يتم تقييد الدور غير القانوني الذي كان موجودًا للشركات الخاصة، إذ لا يوجد أي قانون ينظم هذه المسألة بالنسبة للشركات الخاصة العسكرية في الداخل الروسي وتعتبر خارجة عن القانون، ومن ثمّ فالذين يوقعون تعاقدات مع وزارة الدفاع الروسية يصبحون في إطار قانوني ويعتبرون كتائب أو رجال عسكريين خاضعين للقوانين والأوامر القيادة الروسية.

ولا يجيز الدستور الروسي إنشاء شركات عسكرية خاصة أو جيش مرتزقة؛ إذ ينص على أن مسؤولية الأمن والدفاع عن البلاد تقع على عاتق الدولة دون غيرها، فيما يحظر القانون الروسي على المواطنين الروس العمل كمرتزقة.

 ورغم ذلك، فإن القانون يسمح للشركات التي تديرها الحكومة بإنشاء وامتلاك قوات أمن مسلحة خاصة، وهي ثغرات قانونية تمثل منطقة رمادية شبه قانونية تتيح لمجموعة فاغنر وغيرها من الشركات بالعمل.

وذكر دويدار أنه لا يوجد إحصاء لعدد الشركات الروسية الخاصة سواءً الأمنية أو من تحمل صفة العسكرية.

تعديلات داخل الجيش

من جانبه، أوضح كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، والمقيم في موسكو، أوليغ إغناتوف، في تصريحات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية، أنه سيتعين على الرئيس بوتين اتخاذ بعض الإجراءات لاستعادة مصداقيته وتأكيد قدرات إدارته في إدارة أزمة مثل تمرد فاغنر، ومن المرجح أن يتبع ذلك تعديل داخل صفوت الجيش وقوات الأمن والسلطات الإقليمية.

وأشار إغناتوف إلى نشاط دور الشركات العسكرية الخاصة تحت راية السلطات الروسية خلال الفترة الماضية لاستخدامها في الصراعات التي لا تريد موسكو إضفاء الصفة الرسمية عليها، على غرار مشاركتها في بعض المناطق بأفريقيا أو ليبيا على سبيل المثال.