ماذا تريد روسيا من رفع سن الخدمة العسكرية؟

2


ووصف متخصصون القرار بأنه خطوة جديدة تحاول روسيا بها أن تتفوق أكثر ضد قوى الغرب الداعمة لأوكرانيا بالأسلحة والعتاد والمال باعتباره وقود الهجوم المضاد، واعتبر دميترى مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، في وقت سابق أن الجيش الذي يجمع بين التجنيد الإلزامي والتعاقدي يلبي احتياجات روسيا من التصنيع والقتال على أكمل وجه.

زيادة 30 في المئة

وحول أهداف موسكو من قرار الدوما الأخير، يقول كودراخيين بلوخين الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إن هذه الخطوة تهدف إلى زيادة حجم القوات الروسية المعلنة سابقًا بنسبة 30 بالمئة ومواجهة التهديد الذي يمثله الناتو في أوروبا وتعزيز الأفراد المتاحين للقتال في أوكرانيا.

 ففي يناير الماضي، كشف الكرملين النقاب عن خطط ترمي إلى تعزيز الجيش الروسي بقرابة 350 ألف جندي لكي يصل قوام الجيش الروسي إلى 1,5 مليون جندي ضمن عملية الإصلاح وتعزيز قدرات الجيش ستبدأ العام الجاري وحتى عام 2026.

ويوضح كودراخيين بلوخين، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تحركات روسيا مستمرة لضمان قوة بشرية هائلة تستطيع تحريك الآلة العسكرية الروسية نحو انجاح المستمر في أوكرانيا والتصدي لأحلام الناتو بإسقاط موسكو في دوامة الصراعات، وكان من بين القرارات المتصلة:

  • بعد قرابة 200 يوم من بدء الحرب الروسية، أعلن بوتين تعبئة جزئية بالجيش، هي الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.
  • مارس 2023: وقع الرئيس الروسي مرسومًا حول التجنيد الإجباري بالجيش، بداية من أبريل حتى 15 يوليو، والذي بموجبه تم استدعاء 147 ألف شخص ممن يستوفون متطلبات قانون الخدمة العسكرية.

 ويُضيف كودراخيين بلوخين، أن استمرار الهجوم المضاد (المرحلة الثانية) الذي بدأ في 4 يونيو الماضي يفرض على روسيا تعويض أي خسائر بشرية وقتالية بواسطة رفع سن التجنيد الإلزامي، كما فند مجموعة من الأهداف لزيادة القوى البشرية العسكرية الروسية ورفع سن التجنيد الإلزامي إلى 30 عامًا:

  • يلبي القرار طموحات موسكو في ملء أماكن الصراعات بقوة بشرية مسلحة، فالتفوق العددي والحشد العسكري من المشاة يعوض نقص الذخائر والقذائف.
  • تدرك روسيا أهمية الفرد المقاتل ونوعيته وكفاءته القتالية، لذلك تحرص على الدفع بعناصر مدربة جيدة في ساحات المعارك بأوكرانيا وهو ما منحها ميزة التفوق في الشهور الأخيرة من الحرب والسيطرة على 20 بالمئة من أراضي الأوكران.
  •  ترك خروج مجموعات فاغنر الخاصة من معادلة القتال لصالح روسيا فراغًا كبيرًا وفراغًا تريد موسكو أن تتجاوزه في أقرب وقت في ظل حرب مستمرة في أوكرانيا.

فتح جبهات جديدة

تدرك موسكو أنها تخوض صراعًا ملتهبًا مع القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فتعبئة القوة العسكرية الروسية وزيادة القدرة البشرية له أبعاد تتعلق بما يعرف بفضاء الصراع الروسي الغربي المشتعل في السنوات الأخيرة والممثل بالحرب في أوكرانيا، بحسب الخبراء.

في السياق، يقول الباحث في الشأن الدولي والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، إن الهدف من رفع سن التجنيد الإلزامي في روسيا هو أنها باتت في حاجة لفتح جبهة جديدة ومحور ليتوانيا وبولندا وذهاب قوات فاغنر إلى مقاطعة بريست على الحدود البولندية الأوكرانية البيلاروسية دليل قاطع على أن هذه الجبهة ستتحرك في المستقبل القريب.

 وأضاف فراس رضوان أوغلو، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية” أن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى ما يعرف بطور التوازن، لا أوكرانيا قادرة على تحقيق النصر على روسيا، ولا روسيا قادرة على إجبار أوكرانيا وما يساندها من دول الغرب على إنهاء الحرب والجنوح إلى مفاوضات تنتهي بإبرام اتفاق سلام بين الطرفين.

يواجه قرار رفع السن الإلزامي للتجنيد الإجباري إلى 30 عاما بعض المنغصات والعقبات:

  •  استدعاء مئات الآلاف من الرجال، يعد الورقة الرابحة الوحيدة المتبقية لروسيا في ظل خسائر عسكرية واقتصادية جراء استمرار الحرب.
  • تجنيد عدد كبير من الشباب الجدد يتطلب تمويلًا جديدًا واسعًا لتغطية نفقات الملابس والعتاد العسكري، وهو الأمر الذي يمثل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة.
  • تتطلب عملية التجنيد إيجاد موارد كثيرة ليست فقط مالية وبشرية ومعدات وبنية تحتية لاستيعاب 350 ألف مجند إضافي بالإضافة إلى متخصصين لتدريب المجندين الجدد.
  •  تكلفة تجهيز مجند بشكل كامل قد تصل إلى قرابة 80 ألف دولار وفي ضوء ارتفاع التكاليف العسكرية وتقلص واردات الدولة فإن هناك شك حول إمكانية تنفيذ عملية الإصلاح وزيادة الأعداد في الجيش الروسي.