قانون جديد للهجرة إلى فرنسا لاستقطاب ذوي الاختصاصات الطبية

1


بعد تصريح إقامة “الوظائف المتوترة” الذي أعلنته الحكومة في مشروع “مراقبة الهجرة وتحسين الاندماج” الجديد استجابة للقطاعات التي تعاني من نقص العمالة، يأتي نص المادة 7 بهذه البطاقة الجديدة التي تقدم تصريح إقامة لمدة سنة إلى أربع سنوات لمهني الصحة وأسرهم بمجرد تعيينهم من قبل مؤسسة صحية عامة أو خاصة غير هادفة للربح وذلك بهدف استقطاب الأطباء الأجانب وسد الاختصاص الحاصل في قطاع الصحة.

ويخطط النص لسيناريوهين:

  • الأول: يهم الطبيب الذي لديه عقد عمل لمدة عام واحد على الأقل ولم يجتز بعد امتحان “التحقق من الكفاءة” الذي يشرف عليه المركز الوطني للإدارة بالتنسيق مع وزارة الصحة. وبذلك سيستفيد من تصريح إقامة لمدة 12 شهرًا ولا يمكن تمديده إلا لمدة 13 شهرًا في حالة الفشل في الاختبارات.
  • الثاني: يخص الطبيب الذي اجتاز بنجاح هذه الاختبارات، وبالتالي سيحصل على بطاقة “الموهبة – المهن الصحية” لمدة أربع سنوات.

مسار طويل ومعقد

ويرى رئيس “الاتحاد الموحد للأطباء الممارسين الحاصلين على شهادات خارج الاتحاد الأوروبي” والطبيب النفسي، إبراهيم زازغاد في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” أن أي قرار يهدف إلى تسهيل وضع الأطباء حاملي الشهادات غير الأوروبية فهو مرحب به، حيث يوجد نقص رهيب في الأطباء في فرنسا. لكن تصريح الإقامة لا يحل مشكلة الاعتراف بالشهادات والبطء الإداري الذي يصاحب هذه العملية. مما يعني أن الأطباء الأجانب سيظلون في وضع هش وخطير“.

ففي الوقت الذي يستفيد الأطباء القادمون من دول الاتحاد الأوروبي من الاعتراف التلقائي بمؤهلاتهم وشواهدهم. يجد الأطباء الذين تخرجوا من خارج الاتحاد أنفسهم أمام مسار طويل ومعقد قبل الحصول على معادلة الشهادة والانتساب للمجلس الوطني لعمادة الأطباء”. يؤكد زازغاد.

وهذا هو الحال بالنسبة لـ 5000 طبيب حاصل على دبلوم من خارج الاتحاد يعملون حاليا ضمن عقود مؤقتة في المستشفيات العامة الفرنسية. يمارسون المهنة ويصرفون الدواء تحت مسؤولية أحد الأطباء الحاصلين على حق ممارسة المهنة.

لهذا بعث عالم الأحياء السابق والنقابي، إريك ترون دي بوشوني، برسالة مفتوحة باسم الكونفدرالية العامة للشغل، إلى كل من وزيري الصحة والداخلية يوم الخميس 22 ديسمبر 2022 يعرض من خلالها معاناة هذه الفئة من الأطباء في فرنسا التي تعيش تحت الضغط منذ سنوات.

وفي اتصال هاتفي مع موقع “سكاي نيوز عربية”، تأسف دي بوشوني على حال الأطباء الأجانب القادمين من خارج الاتحاد الذين تدفعهم السياسات الحالية إلى الصبر على المساطر الإدارية الطويلة التي قد تستغرق عشر سنوات وضبابية المستقبل بالنسبة لهم ولأسرهم بالإضافة إلى رواتب متدنية بالمقارنة مع الأطباء الأوروبيين. إذ يكسب الطبيب المتدرب بفضل المناوبات الليلية حوالي 2000 يورو بينما زملائه الحاصلون على شهادات أوروبية يبدأون مشوارهم العملي بحوالي 3000 يورو“.

وكان دي بوشوني حريصًا على عدم الإفراط في التفاؤل بخصوص بطاقة الإقامة الجديدة المنصوص عليها في مشروع قانون الهجرة الذي تم إرساله إلى مجلس الدولة يوم الاثنين الماضي على أن تتم مناقشته في البرلمان في النصف الأول من عام 2023.

وأوضح عالم الأحياء السابق أنه مع تصريح الإقامة المنتظر صدوره “على الأقل سيتم وضع حد للإصدار المنهجي لالتزامات مغادرة الأراضي الفرنسية للأطباء الممارسين الذين حصلوا على دبلوم من خارج الاتحاد الأوروبي إلى جانب عائلاتهم بعد أن تم تعيينهم في المستشفيات العامة الفرنسية. فالمعتاد هو أنه بمجرد انتهاء صلاحية عقد العمل لن يعود من حقهم ممارسة المهنة“.

قوانين جديدة بطعم الترحيل

وفي خطوة لتسوية هذا الوضع، في عام 2019، أنشأت وزارة الصحة قانونًا جديدًا، المعروف باسم “إجراء المخزون” يعهد إلى وكالات الصحة الإقليمية بفحص ملف التراخيص الخاصة بـالأطباء القادمين من خارج الاتحاد الذين لديهم عامين أو أكثر من الممارسة في فرنسا. ولحد الساعة، تمت دراسة نصف الملفات، في حين المتبقي منها، تم تأجيل النظر فيها إلى 30 أبريل 2023.

وبعد دراسة الملفات التي قد يتأخر فحصها لأكثر من عام. دون أي رد أو حوار، تظهر ثلاثة احتمالات: إذن لممارسة كاملة، الحاجة إلى أخذ دورة لتوحيد المهارات من أجل تعزيز المعرفة التقنية أو النظرية أو الرفض.

أما في حالة الأطباء الذين لا يستطيعون تبرير عامين من النشاط بين 1 يناير 2015 و30 يونيو 2021، فقد بدأ العد العكسي بالنسبة لإقامتهم وعليهم الرحيل بحلول 31 ديسمبر 2022″. يقول الطبيب المتخصص في الكيمياء الحيوية للغدد الصماء، طارق مهدي لموقع “سكاي نيوز عربية“.

 ويتابع، “لأنهم  لا يمكن أن يخضعوا لقانون عام 2019، ولا يمكنهم أن يجتازوا امتحان “التحقق من الكفاءة” للحصول على حق ممارسة المهنة في فرنسا بسبب عدم صدوره السنة الجارية، فوجدوا أنفسهم مضطرين إلى ترك مناصبهم بشكل استباقي قبل حلول يناير 2023 بسبب انتهاء عقودهم“.

نقص كبير

وتسن هذه القوانين في وقت تواجه المستشفيات الفرنسية نقصا كبيرا في الأطباء بمختلف التخصصات. فحوالي نصف الأطباء العامين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا وحوالي 6 ملايين فرنسي ليس لديهم طبيب معالج.

وترجع أسباب هذه الوضعية، وفقا للنقابي في الكونفدرالية العامة للشغل “إلى القانون الذي وضعته فرنسا بحصر عدد الطلاب المقبولين سنويا في كليات الطب في 6000 طالب. ما دمر تخصصات مهمة في المستشفيات من بينها طب الطوارئ والتخدير والتخصصات النسائية. أرادت الدولة تحقيق ربح اقتصادي فخسروا على مستوى الموارد البشرية“. 

من جانبه، لا يتفق الرئيس التنفيذي للأطباء الممارسين في المستشفيات، إيف ربوفات مع اقتراح الحكومة الجديد الذي يعتبره “ترقيعيا” و “لا يحل المشكل من جذوره“.

ويتساءل في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” حول سياسة الهجرة الفرنسية قائلا: هل تعمل فرنسا على تفريغ دول من أطبائها لمحاولة تعويض النقص الحاصل لدينا في مستشفياتنا؟ هل نشجع على قدوم هؤلاء الأطباء الذين لم نستثمر في تكوينهم أو تدريبهم بدل أن نفتح أبواب جامعاتنا في وجه المزيد من طلاب الطب وننهي عهدا مليئا بالأخطاء القاتلة؟ كيف قبلت دولة تعتبر هي الرابعة عالميا على المستوى الاقتصادي أن تصبح مستشفياتها “صحاري طبية” بسبب قانون سن منذ حوالي 40 عاما“.